الأخبار

الرواية الإيرانية للهجوم الإسرائيلي… الخسائر والمواقع المستهدفة

سارعت إيران في أعقاب الضربات الإسرائيلية على مواقع في طهران ليل الجمعة السبت، إلى التقليل من أهمية الهجوم، مؤكدة “نجاح” مضادات البلاد الجوية في التصدي له. وفيما لم تحدد السلطات الإيرانية بعد طبيعة الهجمات رسمياً، إن كانت قصفاً من الجو سواء من مقاتلات أو مسيرات، أو استهدافاً بصواريخ عن بعد، نفت وكالات أنباء إيرانية شبه رسمية ومقربة من الحرس الثوري الإيراني، أن تكون الهجمات قد نفذت داخل الأجواء الإيرانية.

وأعلنت السلطات الإسرائيلية أنها ضربت 20 موقعاً عسكرياً إيرانياً بمشاركة نحو 100 مقاتلة، في هجوم جاء بخلاف حجم التهديدات التي أطلقها قادة الاحتلال خلال نحو شهر من الانتظار والترقب في المنطقة والمخاوف من تبادل واسع للضربات بين تل أبيب وطهران.

وجاء الهجوم الإسرائيلي على إيران، وهو الأول من نوعه، مباشراً وعلنياً، رداً على ثاني هجوم علني ومباشر شنته الجمهورية الإسلامية على إسرائيل مطلع الشهر الجاري، بعد هجوم آخر منتصف إبريل/نيسان الماضي، ردت عليه إسرائيل حينها دون تبنٍّ علني.

وبدأ الهجوم الإسرائيلي الأخير في تمام الساعة الثانية و12 دقيقة فجراً، حيث شعر مراسل “العربي الجديد” الذي يسكن غربي طهران بدوي أصوات انفجارات متتالية، وصلت إلى خمسة، ثم تواردت أنباء عن سماع أصوات انفجارات جنوب غرب وشرق طهران وكذلك في مدن إيرانية أخرى.

وبعد تلك الانفجارات، انتشرت أنباء وتقارير عن تصدي الدفاع الجوي في طهران لـ”أجسام طائرة” في سماء وسط وشرقي العاصمة. وعلى ما يبدو أنها كانت الموجة الثانية للهجمات. واستمرت الهجمات نحو أربع ساعات حتى بعد الساعة السادسة فجراً بتوقيت إيران.

وحتى ظهر اليوم السبت، لم تتضح بعد حجم الخسائر المادية الناتجة عن هجمات إسرائيل. وبشأن الخسائر البشرية، أعلن الجيش الإيراني في بيان مقتل اثنين من ضباطه خلال تصديهم لـ”أجسام طائرة” إسرائيلية، فيما لم يعلن الحرس الثوري الإيراني الذي يفترض أن يكون الجهة الرئيسية المستهدفة، عن خسائره، ولم يخرج ببيان أو تصريح رسمي.

وأعلن المقر المركزي للدفاع الجوي الإيراني في بيان، عقب انتهاء الهجوم الإسرائيلي، أن القصف استهدف مواقع عسكرية في ثلاث محافظات هي طهران وخوزستان في جنوب غرب إيران وإيلام في غربها.

وأكد الدفاع الجوي الإيراني أنه رصد وأحبط بـ”نجاح” الهجوم الإسرائيلي، متحدثاً عن “أضرار محدودة لحقت ببعض النقاط”، من دون الكشف عن طبيعتها، مشيراً إلى أن أبعاد الهجوم قيد الدراسة والتحقيق.

وعلق النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد رضا عارف، على الهجوم الإسرائيلي في تغريدة على إكس بالقول إن “قوة إيران تجعل أعداء الوطن أذلاء ومهانين”. كما وصف عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني القائد العام الأسبق للحرس الثوري محسن رضائي، الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه “كان نابعاً من الخوف ولم يكن استعراضاً للقوة”.

في الأثناء، قالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان إنها “تدين بأشد الأشكال العمل العدواني الإسرائيلي ضد عدة مواقع عسكرية في إيران، في انتهاك سافر للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، مشيرة إلى أن الجمهورية الإسلامية لطالما أكدت حقها الذاتي في الدفاع المشروع تطبيقاً للمادة الـ51 لميثاق الأمم المتحدة وهي تعتبر أنها “محقة وملزمة بالدفاع عن نفسها أمام الأعمال العدوانية الأجنبية”.

حياة طبيعية في إيران

على صعيد الشارع الإيراني، قال مراسل “العربي الجديد” إن الحياة في طهران قد بدأت مع طلوع الشمس بشكل طبيعي كأن شيئاً ما لم يحدث، لكن خلال ساعات الليل وردت تقارير عن توجه مواطنين إلى محطات الوقود لتزويد سياراتهم خشية تدهور الوضع.

وكان الشارع الإيراني قد عاش فترة ترقب وحذر استمرت نحو شهر تقريباً قبل الهجوم الإسرائيلي، وسط مخاوف من ضرب أهداف اقتصادية ونووية، لكن مع بدء الهجوم واتضاح طبيعته أثناء تنفيذه، سخر الإيرانيون على شبكات التواصل من الرد، ووصفوه بأنه كان أقل من مفرقعات يطلقونها إلى الهواء خلال عيد النورو سنوياً.

ثلاث موجات

قال الخبير الإيراني في الدراسات الإسرائيلية هادي برهاني لـ”العربي الجديد” إن “لا معلومات دقيقة بعد عن تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على إيران، غير أن تقارير متوفرة تشير إلى أنه طاول نقاطاً في محافظتي خوزستان وإيلام فضلاً عن محافظة طهران”، مبيناً أن الهجمات نفذت في ثلاث موجات، أولاها بدأت بعد الثانية فجرا وآخرها كان بعد الخامسة.

وأضاف برهاني أن نتائج تصدي الدفاع الجوي الإيراني للهجمات “غير واضحة بعد”، لكن الصور والمقاطع المصورة المتداولة عن الهجمات “لا تظهر خسائر كبيرة، ومن هنا لا مقارنة بين هذه الصور ومشاهد الهجوم الصاروخي الإيراني الكبير على إسرائيل” مطلع الشهر الجاري.

وأوضح الخبير الإيراني أيضاً أن “نشاطات مراكز الإغاثة والصحة في إيران لا تشي بأن هناك خسائر بشرية تذكر”، قائلاً إن الاحتلال الإسرائيلي على ما يبدو ركز في هجماته على استهداف الرادارات ومضادات الدفاع الجوي وزعم استهداف منشآت صاروخية، مؤكداً أنه “لا تقارير عن أي تفجير وتدمير للمدن الصاروخية الإيرانية خلال الهجوم”.

أما اقتصار الهجمات الإسرائيلية على أهداف عسكرية، فأظهر وفق برهاني أن “جزءاً كبيراً من التصريحات والمواقف والتهديدات الإسرائيلية ضد إيران كان مردها ممارسة ضغوط نفسية واقتصادية”، عازياً التركيز على أطراف طهران إلى محاولة إسرائيلية لإثارة ضجة بهدف “توصيل أصوات الهجوم إلى قلب إيران”.

وقال إن الهجمات الإسرائيلية إذا كانت بهذا الحجم “فينبغي القول إن إسرائيل حاولت احتواء التصعيد مع إيران وعدم زيادة الوتيرة لكي لا تضطر إيران إلى الرد”، مشيراً إلى أنها “على ما يبدو قد تلقت رسالة عملية الوعد الصادق 2 جيداً، ولذلك تجنبت التصعيد خشية القوة الصاروخية الإيرانية”.

هل سترد إيران؟

ويرى برهاني أن لا ضرورة للرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي لأن “المعادلة التي أسست لها عملية الوعد الصادق 2 ما زالت قائمة”.

من جانبه، رجح الخبير الإيراني صلاح الدين خديو في حديث لـ”العربي الجديد” أن إيران ستتجنب على الأغلب التسرع في ردها خشية أن يعود بالنفع على حظوظ المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، قائلاً في الوقت ذاته إن نجاح الإدارة الأميركية في منع وقوع مواجهة واسعة في الشرق الأوسط “يمكن أن يساعد حملة كامالا هاريس الانتخابية”. وتوقع الخبير انخفاض منسوب التصعيد في المنطقة على المدى القصير، لكنه دعا في الوقت ذاته إلى الأخذ بالحسبان مخاطر مواجهات محتملة واسعة مستقبلاً بالنظر إلى استمرار الحرب على غزة ولبنان وزوال حاجز المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل.

وأضاف خديو أن تقييم ما حدث الليلة الماضية بـ”حاجة إلى المزيد من الوقت لكن ردة فعل السوق الإيراني من شأنها أن توضح الأفق السياسي إلى حد ما”، قائلاً إنه خلافاً للتوقعات أبدى السوق ردة فعل حذرة ولم يشهد سعر صرف الدولار “تذبذبات ذات مغزى أو تراجعاً في السعر خلافاً للتوقعات بالتبعات النفسية للعملية الإعلامية الإسرائيلية بشأن الهجوم”.

من جانبها، قالت الخارجية الإيرانية إن الجمهورية الإسلامية “إذ تؤكد استخدامها جميع القدرات المادية والمعنوية للشعب الإيراني لأجل الدفاع عن أمنه ومصالحه الحيوية، ملمة بمسؤولياتها تجاه السلام والأمن الإقليميين، وتذكر بالمسؤولية الفردية والجماعية لجميع دول المنطقة في الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة”.

وأضافت أن “العامل الرئيسي للتصعيد والتوترات في المنطقة هو استمرار الاحتلال في الأراضي المحتلة، وإجراءات الكيان الإسرائيلي غير القانونية وجرائمه في المنطقة، خاصة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني والعدوان على لبنان، في ظل الدعم التسليحي والسياسي الشامل لأميركا ودول غربية أخرى”. ودعت الخارجية الإيرانية، الأوساط الدولية إلى ضرورة التحرك فوراً لوقف حرب الإبادة والعدوان على غزة ولبنان.

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى